حين يألف الكذاب الكذب يصبح له عادة وتصير نفسه إليه منقادة حتي ولو أراد مجانبته شق عليه لأن العادة طبع ثان وقد قالت الحكماء :
(من استحلي رضاع الكذب عسر فطامه )
وقال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه :
( الكذاب كالسراب )
ويظهر علي الكذابين ريبة ينم عليها ذلة المتوهمين ولذلك قالت الحكماء : العينان أنم من اللسان ) وقالت بلغاء اللغة : الوجوه مرايا تريك أسرار البرايا .
وقال شاعر :
تريك أعينهم مافي صدورهم ان العيون يؤدي سرها النظر
ومن اتسم بالكذب تنسب إليه شوارد الكذب المجهولة وتضاف إلي أكاذيبه زيادات مفتعلة حتي يصير الكذاب مكذوبا عليه فيجمع بين معرة الكذب منه ومضرة الكذب عليه .
وقال شاعر :
حسب الكذوب من البلية بعض ما يحكي عنه
فإذا سمعت بكذبه من غيره نسبت إليه
حتي أن الكذاب إذا تحري الصدق اتهم , وإن جانب الكذب كذب حتي لا يعتقد له في حديث مصدق ولا كذب مستنكر .
وقال الشاعر :
اذا عرف الكذاب بالكذب لم يكد يصدق في شئ وإن كان صادقا
ومن آفة الكذاب نسيان كذبه وتلقاه ذا حفظ اذا كان حاذقا
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله عز وجل صديقا وإياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله عز وجل كذابا)